الإنسان يضرب به المثل ؛ ولذلك وقعت الأمثال فى القرآن ؛ لأنه بالمثال يتبين الحال ؛ أفلا يخاف الإنسان أن يحل به ما حل بمن قبله إذا فعل مثل فعله.
(مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ (١)) : المعنى أن الله يسمع كل شىء ، فالجهر والإسرار عنده سواء ؛ ولذلك أتى به بعد قوله (٢) : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ).
فإن قلت : قوله تغيض الأرحام قرينة فى الخصوص.
فالجواب أنّ الفخر والآمدى قالا : إن العامّ إذا عقّب بصنف من أصنافه فمذهب مالك والشافعى بقاؤه على عمومه.
وقال الثورى : هو مقصور على ذلك الصنف ؛ فقوله : (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) ـ وإن كان لا يصدق إلا على الآدميات [١٥٢ ب] لا يخصّصه. وذكر المؤرخون أنه كان فى بلد «سلا (٣)» عشرة ملوك ولدوا من بطن واحدة.
قال ابن عطية : وقع لمالك ما يدلّ على أنّ الحامل عنده لا تحيض. ومذهب ابن القاسم أنها تحيض. قيل لابن عرفة : يلزم من قولكم إنها تحيض ألا يكون الحيض دليلا على براءة الرّحم ، فكيف جعلتموه دليلا على براءة الرحم فى العدّة والاستبراء؟ فقال : إنما حكمنا بالمظنة. فقلنا : هو مظنة لبراءة الرحم ، فتخلفه
__________________
(١) الرعد : ١٠
(٢) الرعد : ٨
(٣) فى ياقوت : سلا بلفظ الفعل الماضى : مدينة بأقصى المغرب ليس بعدها معمور إلا مدينة صغيرة ، ثم يأخذ البحر ذات الشمال وذات الجنوب ، وهو البحر المحيط. وسلا : مدينة متوسطة فى الصغر والكبر موضوعة على زاوية من الأرض قد حاذاها البحر والنهر ، وفى غربى النهر اختط عبد المؤمن مدينة وسماها المهدية. وهى من مراكش غربية جنوبية.