السؤال ، وإن لم يصرّح به ، ولما أجابه الله بقوله : إنى أعظك أن تكون من الجاهلين ـ بكى أربعين سنة على هذه الكلمة.
فإن قلت : ما الفرق بين هذا وبين قوله لنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم : ((١) فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ). فالجواب أنّ نوحا كان كبيرا ونبيّنا كان شابّا ، فقال له ذلك لحداثة سنّة. وأيضا فنوح كان صفيّا ومحمد حبيبا ، ولإفراط المحبة فيه تكون الغيرة عليه أعظم ، ولا أحد أعظم غيرة من الله. وينبغى أن يكون الحبيب أكثر اجتهادا وحرصا على طاعة محبوبه. وعلى ذلك جرى الخطاب معه [١٥٠ ا] فى القرآن.
(ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ (٢)) ؛ أى بمعجزة ؛ وذلك كذب من قول قوم هود وجحود. أو يكون معناه تضطرنا إلى الإيمان بك ، وإن كان قد أتاهم بآية.
(ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها (٣)) ؛ أى فى قبضته ، وتحت قهره ؛ والأخذ بالناصية تمثيل لذلك. وهذه الجملة تعليل لقوله : ((٤) تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ).
(مَجِيدٌ (٥)) : هو من المجد ، وهو العلو ، أو الشرف ؛ من قولك : امجد الدابة علفا ؛ أى أكثر وزد.
(ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ (٦)) : هذا من قول قوم لوط لما عرض بناته للزواج عليهم ليقى أضيافه بهنّ ، فأعرضوا عنه ، وقالوا له : لا أرب لنا إلا فى إتيان الرجال.
__________________
(١) الأنعام : ٣٥
(٢) هود : ٥٣
(٣) هود : ٥٦
(٤) هود : ٥٦
(٥) هود : ٧٣
(٦) هود : ٧٩