(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ (١)) : شبّه الكافر فى هذه الآية بالأعمى وبالأصم. وشبه المؤمن بالسميع وبالبصير ؛ فهو على هذا تمثيل للمؤمنين بمثلين. وقيل : التقدير كالأعمى والأصم والبصير والسميع ؛ قالوا : ولعطف الصفات فهو على هذا تمثيل للمؤمن بمثال واحد ، وهو من جمع بين السمع والبصر ؛ وتمثيل للكافر بمثال واحد وهو من جمع بين العمى والصّمم (٢).
(ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٣)) : قيل كانوا ثمانين. وقيل عشرة. وقيل ثمانية. والضمير لنوح. فتأمّل الفعل الربّانى فى طول بقائه معهم ، وقلّة من آمن منهم.
(مَوْجٍ كَالْجِبالِ (٤)) : روى أن الماء طبق ما بين السماء والأرض ، فصار الكلّ كالبحر. قال ابن عطية : وهذا ضعيف ؛ وأين كان الموج كالجبال قبل التطبيق ، وقبل أن يغمر الماء الجبال.
(مَعْزِلٍ (٥)) : أى فى ناحية ، فناداه نوح : يا بنىّ ، اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ، فلم يلتفت له ، فنادى نوح ربه إن ابني من أهلى ، وإنّ وعدك الحق ، وأنت أحكم الحاكمين. فقال : فلا تسألن ما ليس لك به علم ؛ هل هو صواب أو غير صواب حتى تقف على كنهه.
فإن قلت : لم سمّى نداؤه سؤالا ولا سؤال فيه؟ فالجواب أنه تضمّن
__________________
(١) هود : ٢٤
(٢) فى الكشاف (١ ـ ٤٣٧) : وفيه معنيان : أن يشبه الفريق تشبيهين اثنين كما شبه امرؤ القيس قلوب الطير بالخشف والعناب ، وأن يشبهه بالذى جمع بين العمى والصمم ، أو الذى جمع بين البصر والسمع ، على أن تكون الواو فى «وَالْأَصَمِّ» وفى «وَالسَّمِيعِ» لعطف الصفة على الصفة.
(٣) هود : ٤٠
(٤) هود : ٤٢
(٥) هود : ٤٢