والأول أوضح ؛ لتقدم ذكر الكفّار المناقضين للقرآن. وإنما قصد بهذه الآية أولئك.
(ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ... (١)) الآية. ما نافية. والضمير للكفّار. والمعنى وصفهم بأنهم لا يسمعون ولا يبصرون ؛ كقوله (٢) : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ). وقيل غير ذلك ، وهو بعيد.
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ (٣)) : ظاهره الجهاد. وقد يحمل على جميع وجوه البرّ ، فمثّل الله بهذه الآية أنّ الحسنة بسبعمائة ، كما جاء فى الحديث : إن رجلا جاء بناقة فقال : هذه فى سبيل الله ، فقال صلىاللهعليهوسلم : لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة.
(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ (٤)) : ذكر نوعين ؛ وهما ما يفعله الإنسان تبرّعا ، وما يفعله بعد إلزامه لنفسه بالنذر. وفى قوله : (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) وعد بالثواب. وفى قوله (٥) : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) وعيد لمن يمنع الزكاة ، أو ينفق لغير الله.
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ... (٦)) الآية : يعنى منفعته لكم. وقيل : إنه خبر عن الصحابة ، أى أنهم لا ينفقون إلا ابتغاء وجه الله ؛ ففيه تزكية لهم ، وشهادة بفضلهم.
وقيل : ما تنفقون نفقة تقبل منكم إلا ابتغاء وجه الله ؛ ففي ذلك حضّ على الخلاص.
__________________
(١) هود : ٢٠
(٢) البقرة : ٧
(٣) البقرة : ١٦١
(٤) البقرة : ٢٧٠
(٥) آخر الآية نفسها.
(٦) البقرة : ٢٧٢