بأنها مكية ؛ لأن فيها معنى التهديد والوعيد. وأكثر ما نزل ذلك بمكة ؛ لأن أكثر العتوّ كان بها.
قال ابن هشام (١) : وفيه نظر ؛ لأنه لا يظهر معنى للزجر فى نحو (٢) : (ما شاءَ رَكَّبَكَ. كَلَّا). ((٣) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ؛ كَلَّا). ((٤) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ. كَلَّا). وقولهم : انته عن ترك الإيمان بالتصوير فى أىّ صورة ما شاء الله ، وبالبعث ؛ وعن العجلة بالقرآن تعسّف ؛ إذ لم يتقدم فى الأوليين حكاية نفى ذلك عن أحد ، ولطول الفصل فى الثالثة بين كلا ، وذكر العجلة. وأيضا فإن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ، ثم نزل (٥) : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) ، فجاءت فى افتتاح الكلام.
ورأى آخرون أن معنى الرّدع والزجر ليس مستمرّا فيها ؛ فزادوا معنى ثانيا يصح عليه أن يوقف دونها ، ويبتدأ بها. ثم اختلفوا فى تعيين ذلك المعنى ؛ قال الكسائى : تكون بمعنى حقا. وقال أبو حاتم : بمعنى ألا الاستفتاحية. وقال النّضر ابن شميل : حرف جواب بمنزلة أى ونعم ، وحملوا عليه (٦) : (كَلَّا وَالْقَمَرِ. وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ). وقال الفراء وابن سعدان : بمعنى سوف ، حكاه [١٣٥ ا] أبو حيان فى تذكرته. قال مكى : وإذا كانت بمعنى حقا فهى اسم. وقرئ (٧) : (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ) بالتنوين. ووجّه بأنه مصدر كلّ إذا أعيا ، أى كلوا فى دعواهم ، وانقطعوا ؛ أو من الكلّ وهو الثقل ؛ أى حملوا كلّا.
وجوّز الزمخشري كونه حرف الردع ونوّن كما فى «سلاسلا». وردّه
__________________
(١) فى المغنى : ١ ـ ١٥٧
(٢) الانفطار : ٨
(٣) المطففين : ٦
(٤) القيامة : ١٩
(٥) العلق : ٦
(٦) المدثر : ٣٢ ، ٣٣
(٧) مريم : ٨٢