كالوهم ووزنوهم تأكيد للضمير الفاعل. وقد روى عن حمزة (١) أنه كان يقف على كالوا ووزنوا ، ثم يبتدئ ب «هم» ليبين هذا المعنى ؛ وهو ضعيف من وجهين (٢) :
أحدهما أنه لم يثبت فى المصحف ألف بعد الواو فى كالوا ووزنوا ، فدل ذلك على أنّ هم ضمير المفعول.
والآخر أن المعنى على هذا أنّ المطففين إذا تولّوا الكيل أو الوزن نقصوا ، وليس ذلك بمقصود ؛ لأن الكلام واقع فى الفعل لا فى المباشر ؛ ألا ترى أن اكتالوا على الناس معناه قبضوا منهم ، وكالوهم ووزنوهم معناه دفعوا لهم ، فقابل القبض بالدّفع ؛ وأما على هذا الوجه الضعيف فهو خروج عن المقصود.
قال ابن عطية : ظاهر الآية أن الكيل والوزن على البائع ، وليس ذلك بالجلىّ. قال : وصدر الآية فى المشترين ، فهم الذين يستوفون ، أى يشاحّون ويطلبون الزيادة. وقوله : إذا كالوهم أو وزنوهم فى البائعين فهم الذين يخسرون المشترى.
(كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ (٣)) : المشكاة هى الكوّة غير النافذة تكون فى الحائط ، ويكون المصباح فيها شديد الإضاءة. وقيل : المشكاة الذى يكون المصباح على رأسه ، والأول أصح وأشهر. والمعنى صفة نور الله فى وضوحه كصفة مشكاة فيها مصباح على أعظم ما يتصوره البشر من الإضاءة ؛ وإنما شبهه
__________________
(١) فى القرطبى (١٩ ـ ٢٥٢) : قال أبو عبيد : وكان عيسى بن عمر يجعلها حرفين ويقف على «كالوا» و «وزنوا» ويبتدئ هم. والاختيار أن يكونا كلمة واحدة.
(٢) القرطبى (١٩ ـ ٢٥٣) ، والكشاف : ٢ ـ ٥٣١
(٣) النور : ٣٥