بالمشكاة وإن كان نور الله أعظم ؛ لأن ذلك غاية ما يدركه الناس من الأنوار ؛ فضرب المثل لهم بما يوصل إلى إدراكه. وقيل الضمير فى نوره عائد على محمد صلىاللهعليهوسلم. وقيل على القرآن. وقيل على المؤمنين. وهذه الأقوال كلها ضعيفة ؛ لأنه لم يتقدم ما يعود عليه الضمير.
فإن قيل : كيف يصحّ أن يقال : الله نور السموات والأرض ، فأخبر أنه هو النور ، ثم أضاف النور إليه فى قوله : مثل نوره ، والمضاف غير المضاف إليه؟
فالجواب أن ذلك يصح مع التأويل الذى قدّمناه : أى الله ذو نور السموات والأرض ، أو كما تقول زيد كريم ، ثم تقول : يعيش الناس بكرمه.
(كادِحٌ (١)) : الكدح فى اللغة هو الجدّ والاجتهاد والسرعة ؛ فالمعنى أنك فى غاية الاجتهاد فى السير إلى ربك ؛ لأن الزمان يطير وأنت فى كل لحظة تقطع خطا من عمرك القصير ، فكأنك سائر مسرع إلى الموت ثم تلاقى ربّك. فانظر فيما تصرف عمرك ، فإن أنفقته فيما فيه رضاه رضى عنك ، وإن كان فى غيره غضب عليك ، ولا يقوم لغضبه شىء. وقيل : المعنى أنك ذو جد فيما تعمل من خير أو شر ، ثم تلقى ربك فيجازيك به. والأول أظهر ؛ لأن (كادِحٌ) تعدّى بإلى لما تضمّن من معنى السير. ولو كان بمعنى العمل لقال لربك.
(كنود (٢)) : كفور للنعمة. والتقدير إن الإنسان لنعمة ربه لكفور. والإنسان جنس. وقيل الكنود العاصى. وقال بعض الصوفية : الكنود الذى يعبد الله على عوض.
__________________
(١) الانشقاق : ٦
(٢) العاديات : ٦