والاستعجال ؛ لأنه ذهب مغاضبا لمّا خالفه قومه ، فدعا عليهم. وأجيب وأعلمهم بالعذاب ؛ فلما رأى قومه مخايل الهلاك تابوا وآمنوا ، فتاب الله عليهم وصرفه عنهم ، وإنما أبق من قومه لخوفه من القتل ؛ وسمى أبّاقا فى قوله تعالى (١) : (إِذْ أَبَقَ (٢) إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ). وقيل : إنه لما وعد قومه بالعذاب ولم يصبهم بسبب إيمانهم أخذته غضبة كما ذكر الله عنه. والأول أصح. فانظر قدرك ، يا محمدىّ ، عند ربك ، واشكره إذ هداك للإيمان بهذا النبى الكريم. وفى الخبر أنه صلىاللهعليهوسلم لما نزلت هذه الآية قال : يا ربّ ، أمرتنى أن أعامل أمتى بخلاف سائر الأمم ، فعاملهم أنت كذلك. فأوحى الله إليه : هم أمّتك ، وهم عبيدى ، وقد أعطيتك الشفاعة فيهم ، فكيف تضيع أمة أنت شفيعها وأنا رحيمها؟ فالحمد لله الذى جعلنا من هذه الأمة ، وخصنا بهذا النبى الكريم.
(كَواعِبَ أَتْراباً (٣)) : الكاعب الجارية التى خرج ثديها ، وهى أحبّ إلى الرجل لصغرها.
(كافُوراً (٤)) : أى فى طيب رائحته ، كما تمدح طعاما فتقول : هذا مسك. وذكر الجواليقى (٥) وغيره أنه فارسى.
(كالُوهُمْ (٦)) : بمعنى كالوا لهم. يقال : كلتك وكلت لك ، ووزنتك ووزنت لك ، بمعنى واحد. [١٣١ ب] وحذف المفعول الثانى وهو المكيل والموزون. وهم ضمير المفعول للناس ، فالمعنى إذا كالوا للناس ، أو وزنوا لهم طعاما أو غيره مما يكال أو يوزن بخسوهم حقوقهم. وقيل إنّ «هم» فى قوله :
__________________
(١) الصافات : ١٤٠
(٢) أبق : استخفى ، ثم ذهب ، وهرب.
(٣) النبأ : ٣٣
(٤) الإنسان : ٥
(٥) فى المعرب (٢٨٥) : فأما الكافور المشموم من الطيب فأحسبه ليس بعربى محض
(٦) المطففين : ٣