ولنذكر من قصتهم ما لا غنى عنه ؛ إذ أكثر الناس فيها مع قلة الصحة فى كثير ممّا نقلوا :
وذلك أنهم كانوا قوما مؤمنين ، وكان ملك بلادهم كافرا يقتل كل مؤمن ، ففرّوا بدينهم ودخلوا الكهف [١٣٠ ب] ليعبدوا الله فيه ، ويختفوا من الملك وقومه ، فأمر الملك باتباعهم ، فانتهى المتّبعون لهم إلى الغار ، فوجدوهم ، وعرّفوا الملك بذلك ، فوقف عليه بجنوده ، وأمر بالدخول عليهم ، فهاب الرجال ذلك وقالوا له : دعهم يموتوا عطشا وجوعا ، وكان قد ألقى الله عليهم قبل ذلك نوما ثقيلا ، فبقوا كذلك مدة طويلة. ثم أيقظهم الله ، وظنوا أنهم لبثوا يوما أو بعض يوم ، فبعثوا أحدهم يشترى لهم طعاما بدراهم كانت لهم ؛ فعجب منها البيّاع ، وقال : هذه الدراهم من عهد فلان الملك فى قديم الزمان ؛ فمن أين جاءتك؟ وشاع الكلام بذلك فى الناس ، فقال الرجل : إنما خرجت أنا وأصحابى بالأمس فأوينا إلى الكهف. فقال الناس : هم الفتية الذين ذهبوا فى الزمان القديم ، فمشوا إليهم فوجدوهم موتى.
وأمّا موضع كهفهم فقيل : إنه بمقربة فلسطين. وقال قوم : إنه الكهف الذى بالأندلس بمقربة من لوشة (١) فى جهة غرناطة. وفيه موتى ومعهم كلب.
وقد ذكر ابن عطية ذلك ، وقال : إنه دخل عليهم ورآهم وعليهم مسجد ، وقريب منهم بناء يقال له : الرّقيم ـ قد بقى بعض جدرانه.
وروى أن الملك الذى كانوا فى زمانه اسمه دقينوس (٢) ، وفى تلك الجهة
__________________
(١) هذا فى الأصلين. وفى ياقوت (رقم) بحث قيم فيه ما قيل عن هذا الكهف ومكانه (١٤ : ٢٧٤ ـ ٢٧٦) ـ وسمى المكان الذى فى الأندلس : جنان الورد ، وقال : به الكهف والرقيم.
(٢) فى ياقوت : دقيانوس.