وروى أنس عن النبى صلىاللهعليهوسلم أن يونس عليهالسلام حين نادى فى الظلمات ارتفع نداؤه إلى العرش ، فقالت الملائكة : هذا صوت ضعيف ، من موضع غربة فأغثه. فقال الله تعالى : قد أجبتكم فيه. قال تعالى (١) : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ). وروى أن قارون سمعه ، فقال : يا رب ، ما هذا الصوت الغريب؟ فأخبر بذلك ، فبكى رحمة عليه لرحمة منه ؛ فخفف الله عنه العذاب.
تنبيه
اجعل أيها العبد دار دنياك كبطن حوت يونس له ، فلا تنس فيها ذكر مولاك ، لعله ينقذك من بحر هواك ؛ لأن يونس كان فى ثلاثة غموم ، فدعا مرة أنجاه الله منها ؛ فكيف لا ينجيك أيها المحمدى إن دعوت به مرارا من غم القيامة ، وغم العقاب والحساب. ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : «ما من عبد دعا بهذا فى مرضه إلا غفر الله له». وإذا تأملت قوله : لا إله إلا أنت ـ تفهم منه قرب مولانا منه مع بعد مكانه فى قعر البحور. وقول نبينا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم ليلة الإسراء : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ، فخاطبه بالغيبة مع قربه منه كان ذلك دليلا على أنه لا يقرب أحد منه إلا بتقريبه له ، وهو معكم أين ما كنتم.
(ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٢)) : معطوف على معنى السجود. والمعنى أن الظلال تسجد غدوة وعشية ؛ وسجودها انقيادها لمشيئة الله. وقيل : سجودها فيها بالمشى.
__________________
(١) الأنبياء : ٨٨
(٢) الرعد : ١٥