حتى يهلكوا من غير أن يهلكهم جملة واحدة ؛ ولهذا أشار بقوله (١) : (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ؛ لأن الأخذ هكذا أخفّ من غيره. وقد كان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه أشكل عليه معنى التخوف فى الآية حتى قال له رجل من هذيل : التخوف التنقص فى لغتنا.
الوجه الثانى ـ أنه من الخوف ؛ أى يهلك قوما قبلهم فيتخوّفوا هم ذلك فيأخذهم بعد أن توقّعوا العذاب وخافوه ؛ وذلك خلاف قوله : وهم لا يشعرون.
(تَقْفُ (٢)) المعنى : لا تقل ما لم تعلم من ذمّ الناس ، وشبه ذلك. واللفظ مشتقّ من قفوته إذا تبعته.
(تَبْذِيراً) : تفريقا. ومنه قولهم : بذرت الأرض ، أى فرّقت البذر فيها ، أى الحب. والتبذير فى النفقة الإسراف فيها ، وتفريقها فى غير ما أحل الله. والإخوة فى قوله (٣) : (إِخْوانَ الشَّياطِينِ) للمشاكلة والاجتماع فى الفعل ؛ كقولك : هذا الثوب أخو هذا ؛ أى يشبهه. ومنه قوله تعالى (٤) : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) ؛ أى من التى تشبهها وتواخيها (٥).
(تَخْرِقَ (٦) الْأَرْضَ) : تقطعها وتبلغ آخرها. وقيل معناه : لا تقدر أن تشقّ فى جميعها بالمشى. والمراد بذلك تعليل النهى عن الكبر والخيلاء ؛ أى إذا كنت أيها الإنسان لا تقدر على خرق الأرض ولا على مطاولة الجبال ، فكيف تتكبّر وتختال فى مشيك ، وإنما الواجب عليك التواضع.
(تَبِيعاً (٧)) ، أى طالبا مطالبا.
__________________
(١) النحل : ٤٧
(٢) الإسراء : ٣٦
(٣) الإسراء : ٢٦
(٤) الزخرف : ٤٨
(٥) تطابقها
(٦) الإسراء : ٣٢
(٧) الاسراء : ٦٩