الثاني ، ان معلم المنطق ومترجمي كلامه عبروا عن المقولات بالمتكيف دون الكيف ، ومثلوا لها بالحار والبارد ، ولو لا الاتحاد لما صح ذلك ، ويشهد له ما نقل عن بعضهم من ان الحرارة لو كانت قائمة بذاتها لكانت حارة بذاتها وهكذا البرودة.
وفيه ، خلط بين النّظر العقلي والفهم العرفي ، إذ المتبع في تعيين المفاهيم هو الأذهان الصافية عن شوائب البراهين العقلية إذ قصارى ما أثبته البرهان هو ان الأبيض الحقيقي هو البياض دون الجسم ، ولذا جعلوا حمل الأبيض على الجسم شايعا عرضيا لا ذاتيا ، واما ان المشتقات الدائرة بين العرف الساذج فاتحادها مع مباديها من الغرائب بينهم ، ولا يرضى به مهما صار دقيقا ، وأوهن منه التمسك بكلام المترجمين أو الفرض الّذي نسجه البعض ثم ان ما اشتهر في توضيح اللابشرطية والبشرط اللائية في المقام فهو أيضا مأخوذ من ذلك المحقق ومجمله ان حقيقة البياض (تارة) تلاحظ بما هي وانها موجودة في قبال موضوعها ، فهي بهذا اللحاظ بياض ولا تحمل على موضوعها ، (وأخرى) تلاحظ بما هي ظهور موضوعها ومرتبة من وجوده وظهور الشيء وطوره لا يباينه فيصح حملها عليه انتهى لا يكاد ينقضي تعجبي من هذا المحقق ، كيف جعل الوصفين المزبورين من الأمور الاعتبارية ، وان اللحاظ تارة يمنعه عن الحمل وأخرى يخرجه عن التعصي ، وقد تقدم ان الحق كون اللابشرطية وبديلها من الأمور الواقعية وإلى ذلك يرجع مغزى كلام المحققين وملخص القول معه ، انه ان أراد من الاعتبارين ان المشتق قابل للحمل دون المبدأ فمسلم وان أراد اتحادهما معنا والفرق هو ان المشتق لوحظ من تطورات الموضوع وطوارئه ومراتب وجوده دون الآخر ـ فغير صحيح ، لأن المتبادر خلافه لأن المفهوم من المشتق المعنون دون العنوان ، مع ان الحمل لا يصح ما لم يتحيث المحمول بحيثية واقعية خارجة عن طوق الاعتبار.
الثالث وممن خالف مع ما نقل من أهل المعقول في الفرق المزبور صاحب الفصول ، وحاصل كلامه بطوله وتعقيده ، ان الحمل يتقوم بمغايرة باعتبار الذهن في لحاظ الحمل ، واتحاد باعتبار ظرف الحمل من ذهن أو خارج ، ثم التغاير قد يكون اعتباريا والاتحاد حقيقيا ، وقد يكون حقيقيا والاتحاد اعتباريا ، فلا بد فيه من أخذ المجموع من حيث المجموع شيئا واحدا ، وأخذ الاجزاء لا بشرط واعتبار الحمل بالنسبة إلى المجموع