مع قطع النّظر عنها مجهولة الكنه غير معلومة المعنى على الفرض فكيف يسلب المجهول بما هو مجهول عن شيء والثاني أيضا مثله ، إذ تعريفها بهذه الآثار يساوق تقييدها بالصحّة الفعلية فيرجع إلى صحة سلب الصلاة الصحيحة عن الفاسدة وهي مما لا يقبل الإنكار ـ والحاصل ان صحة سلب المعنى بما هو هو مما لا يمكن الوصول إليه للجهل به ، وسلب المعنى بمعرفية هذه الأمور بعد فرض كونها معرفات للصحيح غير مفيد أصلا.
وتوهم ان تلك العناوين أخذت ظرفا لا قيدا قد مر ما فيه ، إذ غاية الأمر عدم أخذها قيدا إلّا انها في هذه الحالة لا تنطبق الا على الصحيح ، ولا فائدة في صحة سلبها عن الفاسدة.
هذا ويمكن تصحيح دعوى التبادر وصحة السلب ، إمكانا لا وقوعا ، بتقريب ان من سبر حال الواضعين من السلف والخلف يجدان المطرد بينهم هو وضع الألفاظ بمقدار يرفع الحاجة ومهما وقفوا على أشياء أو اخترعوا شيئا من الصنائع وغيرها عينوا بإزائها ألفاظا تفيد معانيها عند الإطلاق ـ ولم يكن ذلك الوضع منهم حين وقوفهم على حقائق الأشياء بأجناسها وفصولها ، إذ قلما يتفق ذلك لبشر ، الا الأوحدي من الفلاسفة وعلماء الطبيعة بل كان العرف الساذج ينتقل من بعض المصاديق إلى جامع ارتكازي ، يصلح ان يكون جامعا بين الافراد من الصورة النوعية وغيرها مما يصلح وقوعه جامعا ، وقد أيدت التجربة ان من اخترع سيارة أو استكشف حيوانا ، يشير إلى المصنوع والمستكشف الموجودين بين يديه ويسميه باسم ، لا بما انه اسم لشخص خاص في زمانه ومكانه بل يشير بالتوجه إليه إلى نفس الجامع ويضع اللفظ بإزائه ، بمعرفية هذا العنوان من غير نظر إلى خصوصيته الشخصية بل لجامعه وطبيعته النوعية وبذلك يتضح ان الوضع في غالب تلك الموارد من قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له العام ، لكون الملحوظ عند الوضع شيئا خاصا والموضوع له امرا عاما.
نعم لا يلزم تصور الجامع تفصيلا والعلم بحقيقته بل يكفى تصوره إجمالا وارتكازا فعند ذلك يسوغ للصحيحي ان يدعى ان الصلاة بحسب ارتكاز أهل الشرع يتبادر منها معنى إجمالي وهو الجامع الّذي لا ينطبق إلّا على الافراد الصحيحة ، فلا يكون معنى الصلاة مبهما ومجهولا في ظرف التبادر وبذلك يندفع الاستحالة التي ذكرناها وهذا وان كان يصحح دعوى تبادر الصحيح بحسب الإمكان العقلي إلّا انه بعد ممنوع وقوعا ، لأن الإنصاف