وان شئت توضيحا لذلك فاعلم : ان ما يتبادر عند إطلاق ألفاظ العبادات وغيرها أولا هو نفس الماهية ثم لو لم يكن لها لازم ماهوي ينتقل إلى ما هو مصداقها الخارجي بواسطة الأنس والممارسة ، ثانيا ، ثم إلى عوارضها الوجودية من الصحة والفساد والآثار المطلوبة بواسطة الارتكاز العقلائي أو بيان الشارع ، ثالثا ـ و (ح) نقول ان التبادر هو فهم المعنى من ذات اللفظ وحاقه ولا معنى لتبادر شيء لم يوضع له اللفظ ، والانتقال إلى اللوازم الذهنية أو الخارجية ، الدائمية أو الاتفاقية انما هو بعد تبادر أصل المعنى ، لأجل الأنس وغيره ، فإذا كان الموضوع له ماهية بسيطة مجهولة الا من ناحية بعض العناوين المتأخرة فلا بد لمدعى التبادر ان يدعى تبادر نفس المعنى مقدما على فهم تلك العناوين ، و «ح» لا يعقل ان تكون تلك العناوين معرفة للمعنى في ظرف التبادر لتأخر رتبتها عنه اما بمرتبتين أو بمرتبة واحدة.
(وعلى هذا) يبقى الموضوع له مجهول العنوان والحقيقة في وعاء التبادر من جميع الجهات وان كان معروف العنوان وواضح الحقيقة في رتبتين بعده ـ والحاصل انا لا ننكر ان الشيء قد يعرف بمعاليله وآثاره وعوارضه كما في التعريف بالرسم ناقصا كان أو تاما ، إلّا ان وعاء التبادر وخطور الملزوم فقط من اللفظ مقدم على تصور تلك العناوين ، فضلا عن كونها معرفة وموضحة للحقائق والمعرف في ظرف التبادر لا بد ان يكون واقعا في رتبة معرفة ، وما ذكروه كلها معرفات بعد رتبة التبادر فيصير المعنى في هذه الدرجة مجهولا مطلقا ولا معنى لتبادره ، والخلط انما نشاء من عدم الفرق بين تبادر المعنى الّذي لا يتصف بالصحّة والفساد في مرتبة ذاته وبين فهم الأمور الخارجة عن المعنى ، مما هو من عوارض المصاديق لأجل أنس الذهن.
والخلاصة ان مدعى التبادر للصحيح لا بد ان يتصور معنى ويعين له عنوانا يساوق الصحيح في ظرف التبادر حتى يدعى ان المتبادر هو الصحيح ، وما ذكروه وان كان مما يساوقه إلّا انه ليس مما يخطر بباله في وعائه بل بعده برتبتين وهذا لا يصحح امر التبادر ، إذ للأعمي ان يدعى ان الصلاة المعرفة بهذه العناوين قسم من المسمى فتدبر جيدا.
ومن ذلك يعرف حال صحة السلب عن الفاسد إذ لا يخلو اما ان يصح سلب لفظ الصلاة مثلا عن تلك الماهية بلا معرفية هذه العناوين المتأخرة واما بمعونتها ـ والأول باطل إذ هي