من تحصيل اليقين بالفراغ منه ، والشك في جزء منه يكون راجعا إلى الشك في تحقق ذلك المعلوم وجوبه ، فلا بد من الإتيان به لاحتمال ان لا يكون المأتي بدونه عين ما قامت عليه الحجة وتعلق به العلم تفصيلا.
والعجب مما صدر عن بعض القائلين بالصحيح من جريان الأصل هنا على مبناه أيضا ، وأنكر بذلك جعل القول بجريان البراءة والاشتغال ثمرة لهذا النزاع ، وملخص ما أفاده : ان المأمور به إذا كان بسيطا ذا مراتب يتحقق بعض مراتبه بتحقق بعض الأمور المحصلة له ، فان شك في دخالة شيء آخر في تحقق مرتبته العليا ، لكان موردا للبراءة.
توضيح خلله : انك قد عرفت ان أحسن ما يمكن ان يوجه به مقالة القائل بالصحيح ان يقال : ان الألفاظ وضعت لماهية إذا وجدت في الخارج انطبق عليها عنوان الصحيح بالحمل الشائع ، (فحينئذ) لا بد ان يكون الموضوع له عنوانا يلازم الصحة خارجا ، وعند ذلك إذا وقع العنوان الملازم للصحة موردا للأمر يكون الشك في جزئية شيء له أو شرطيته راجعا إلى الشك في تحقق ذلك العنوان الملازم للصحة ويكون المرجع هو الاشتغال بعد معلومية المأمور به ، ولا يتفاوت في ذلك كون العنوان البسيط قابلا للنقص والكمال أو الزيادة والنقصان وعدمه ، لأن الشك في جميع الحالات راجع إلى تحقق المتعلق المعلوم كونه ملازما للصحة خارجا ومع ذلك لا يمكن إحراز حال الفرد.
وما ذكره من ان الشك انما هو في دخل شيء في مرتبته العليا مع تحقق المسمى المأمور به بدونه ، عدول عن المبنى لأن الشك انما هو في دخالة شيء في تحقق أصل العنوان المأمور به لا فيما إذا علم به وشك فيما يوجب الزيادة والفضيلة فيه ـ والحاصل ان مراده من العلم بتحقق بعض المراتب ان كان ما يلازم الصحة في الخارج فلا معنى للشك في دخالة شيء فيه بعد ذلك ، للعلم بأنه غير واجب. وان كان الغرض تحقق بعض مراتبه مع الشك في صحته فهذا عين القول بالأعم ـ نعم لو فسرنا مقالة الصحيحي بأنها موضوعة بإزاء الماهية الجامعة للشرائط والاجزاء. وان إطلاقها على غيرها مجاز. أو فسرناها بالصحّة الشأنية كان لجريان البراءة وجه ـ إلّا ان الأول بعيد مع كثرة الاستعمالات في الاخبار في غيرها مضافا إلى ان التبادر يدفعه والثاني عين القول بالأعم
والحاصل ان القائل بالصحيح لو جعل الجامع عنوانا بسيطا معلوما بأحد العناوين