وبين ما ذكرنا ، إذ الهيئة الخضوعيّة والصلاتية مشاهدة معلومة لافراد المسلمين ومرتكزة لأهل القبلة لا يشك فيها العاكف والبادي ، والمسمى محقق ولو عند فقدان ما يشك في وجوبه ، بل وعند فقدان بعض ما يعلم وجوبه أيضا ، (فحينئذ) الشك لا يرجع إلى الشك في تحقق المسمى بل إلى شرطية شيء أو جزئيته للمأمور به زائدا على ما يتحقق به المسمى
وان شئت قلت : ان المأمور به هو الهيئة الوحدانية الحاصلة من تلك المواد من دون ان يتعلق النّظر إلى الكثرات والمواد ، وهي متحدة معها اتحاد الصورة مع المادة ، وليس هنا من المحصل والمحصل عين ولا أثر ـ فعند ذلك إذا تعلق الأمر بتلك الهيئة التي اتخذت لنفسها حقيقة وحدانية يكون ذلك بعثا إلى الاجزاء والمواد التي تنحل الماهية إليها ، إذ الأمر بإيجاد صورة البيت أو بناء المسجد عند التحليل امر وبعث إلى تهيئة اجزائها بهيئة معلومة ، من دون تعلق الأمر مستقلا بتلك المواد ولا الأمر الضمني والمقدمي على القول بهما فالامر بالواحد امر بالكثرات عند التحليل فإذا شك في نظر الانحلال إلى جزئية شيء أو شرطيته للمأمور به يرجع ذلك إلى أصل تعلق الأمر به في لحاظ الكثرة بعد العلم بتعلقه بسائرها (وان أبيت) الا عن القول بكون المواد من المحصلات للهيئات فيجاب بإمكان إجراء البراءة في نفس الهيئة البسيطة الموجودة في الخارج بوجود اجزائه القابلة للزيادة والنقيصة كما في مثل الخطّ إذا شك في كون الواجب منه مطلق وجوده الّذي يصدق على الطويل والقصير والقليل والكثير أو مقدارا خاصا منه فتجري البراءة بالنسبة إلى الخصوصية المشكوكة «والحاصل» ان الشيء المشكوك فيه بما له دخل في زيادة الهيئة كمية وكيفية يكون مرجع الشك فيه إلى الشك في خصوصية زائدة على أصل المسمى لما هو المفروض من صدقه بدونه.
(واما) على ما ذكره المحقق الخراسانيّ في مقام تصوير الجامع فالظاهر عدم إمكان إجراء البراءة وان قلنا باتحاد الأمر الانتزاعي مع الاجزاء خارجا بل لا فرق بين اختيار كون المأمور به هو عنوان معراج المؤمن والقول بأنه الأمر البسيط الّذي يكون مبدأ لهذا الأثر ، وسواء قيل بتقييد المأمور به ، به أم لا
توضيح ذلك : ان حديث الانحلال إلى معلوم ومشكوك انما يصح إذا لم يتعلق الأمر بعنوان معلوم ، وان كانت معلوميته مستندة إلى انه مبدأ لأثر خاص ، أو كان ذلك الأثر عنوانا مشيرا إليه لا قيدا لأن الكل مشترك في تعلق الأمر بشيء بسيط معلوم بوجه ، فلا بد