يختلف فيه حالات الأشخاص ، فرب مكلف لا يصادف أول الزوال الا موضوعا واحدا وهو الصلاة وربما يصادف موضوعين فيصح توارد الأمرين على عامة المكلفين ومنهم الشخص الواقف امام المتزاحمين ولا يستهجن ، والّذي يحكم به العقل هو ان العبد لا بد ان يتمحل لإجابة الأمرين على نحو لو خالف واحدا منهما لعدم سعة الوقت ، لعد معذورا إذا عرفت هذه المقدمات
فنقول ان متعلقي التكليفين قد يكونان متساويين في الجهة والمصلحة وقد يكون أحدهما أهم فعلى الأول لا إشكال في حكم العقل بالتخيير بمعنى ان العقل يرى ان المكلف مخير في إتيان أيهما شاء ، فإذا اشتغل بأحدهما يكون في مخالفة الأمر الآخر معذور عقلا ، من غير ان يكون تقييدا أو اشتراطا في التكليف والمكلف به ومع عدم اشتغاله بذلك لا يكون معذورا في ترك واحد منهما ، فانه قادر بإتيان كل واحد منهما ، فترك كل واحد يكون بلا عذر فان العذر عدم القدرة والفرض انه قادر بكل منهما وانما يصير عاجزا إذا اشتغل بإتيان أحدهما ، ومعه يعد معذورا في ترك الآخر واما مع عدم اشتغاله به فلا يكون معذورا في ترك شيء منهما ، وليس الجمع بمكلف به حتى يقال انه غير قادر عليه
(وبعبارة أوضح) ان العبد لو سمع دعوة العقل بصرف القدرة في واحد من الغريقين وأنقذ واحدا منهما ، فقد عجز عن إنقاذ الآخر بلا اختيار فيقبح العقاب على ترك هذا الأمر الفعلي الجدي فيثاب لأجل إنقاذ الآخر ، وان تخلف عن حكم العقل ولم ينقذ واحدا منهما استحق عقوبتين لأنه ترك كل واحد من الأمرين بلا عذر ويقال لم تركت هذا بلا عذر ، ثم لم تركت الآخر كذلك ، (فان قلت) ليس هنا إلّا قدرة واجدة وهو يستدعى تكليفا واحدا ، وجزاء مخالفة التكليف الواحد ، عقاب فارد (قلت) كأنك نسيت ما حررناه في المقدمات لأن البحث في الأحكام القانونية ، والتكليف فيها لم يتعلق بافراد المردد ، ولا بالجمع حتى يستلزم التكليف بالمحال ، والمفروض ان كل واحد من الأمرين تام في الباعثية ، وليس ناظرا إلى حال اجتماعه مع الآخر لما عرفت ان التزاحم وعلاجه متأخران عن رتبة الجعل والفعلية ، (فحينئذ) كل واحد يقتضى تحقق متعلقه وإيجاده في الخارج ، إلّا ان يظهر من العبد عذر في ترك امتثاله فإذا صرف قدرته في واحد منهما فقد حقق دعوته بالامتثال ، وترك دعوة الآخر عن عذر واما إذا لم يصرف قدرته في شيء منهما فقد ترك دعوة كل واحد بلا عذر فيستحق عقابين