وكذا إلى العصاة المعلوم طغيانهم من أقبح المستهجنات ، بل غير ممكن لغرض الانبعاث فلو كان حكم الخطاب العام كالجزئي لوجب الالتزام بتقييد الخطابات بغيرهم وكذا الحال في الجاهل والغافل والساهي إذ لا يعقل تخصيص الخطاب في مرتبة الإنشاء بالعالم الملتفت وان كان يصح في مرتبة الفعلية كما سيأتي في المباحث العقلية.
(وبالجملة) لا يصح إخراجهم ولا يمكن توجه الخطاب الخصوصيّ إليهم ، وقد تقدم ان الجاهل وأمثاله معذورون في مخالفة الحكم الفعلي والسر فيما ذكرنا مضافا إلى ان الخطاب الواحد لا ينحل إلى خطابات ، هو ان الإرادة التشريعية ليست إرادة متعلقة بإتيان المكلف وانبعاثه نحو العمل وإلّا يلزم في الإرادة الإلهية عدم تفكيكها عنه ، وعدم إمكان العصيان بل هي عبارة عن إرادة التقنين والجعل على نحو العموم وفي مثله يراعى الصحة العقلائية ومعلوم انه لا تتوقف عندهم على صحة الانبعاث من كل أحد كما يظهر بالتأمل في القوانين العرفية
السادسة ان الأحكام الشرعية غير مقيدة بالقدرة لا شرعا ولا عقلا وان كان حكم العقل بالإطاعة والعصيان في صورة القدرة (توضيحه) ان الأحكام الشرعية الكلية عارية بحكم الإطلاق عن التقييد بالقدرة فتشمل الجاهل والعاجز بإطلاقها (وتوهم) ان الإرادة الاستعمالية وان تعلقت بالمطلق إلّا ان الجدية متعلقة بالمقيدة بالقدرة (مدفوع) بان التقييد اما من جانب الشرع أو من ناحية العقل وكلاهما فاسدان اما الأول فلأنه لو كانت مقيدة بها من الشرع لزم القول بجريان البراءة عند الشك في القدرة وهم لا يلتزمون به بل قائلون بالاحتياط مع الشك فيها ، ولزم أيضا جواز احداث ما يعذر به اختيارا ولا أظن التزامهم به ، (ومنه) يعلم عدم كشف التقييد الشرعي عقلا ، على ان ذلك لا يجامع ما أجمعوا عليه من بطلان اختصاص الأحكام بالعالمين لأن التفكيك بين العلم والقدرة غير واضح ، إذ لو كشف العقل عن التقييد بالقدرة شرعا فلا بدّ وان يكشف عن التقييد بالعلم أيضا لأن مناط التقييد واحد وهو قبح خطاب العاجز والجاهل (واما الثاني) أعني تقييد العقل مستقلا فلان تصرف العقل بالتقييد في حكم الغير وإرادته مع كون المشرع غيره ، باطل إذ لا معنى ان يتصرف شخص في حكم غيره (والحاصل) ان تصرفه في الأدلة لا يرجع إلى محصل بل تصرف العقل في إرادة المولى أو جعله ، لا معنى معقول له إذ التقييد والتصرف لا يمكن إلّا للجاعل لا لغيره نعم يخص للعقل حكم مقام الإطاعة والعصيان ، وتشخيص ان مخالفة الحكم