إجرائه وإنفاذه و (عليه) إذا فرضنا حصول عائق عن وصول الحكم إلى المكلف ، وان كان قاصرا عن إزاحة علته أو عروض مانع كالعجز والاضطرار عن القيام بمقتضى التكليف ، لا يوجب ذلك سقوط الحكم عن فعليته ولا يمس بكرامتها ولا يسترجعه إلى ورائه فيعود إنشائيا ، لأن ذلك أشبه شيء بالقول بانقباض إرادة المولى عند طرو العذر وانبساطها عند ارتفاعه ، والسر في ذلك ان غاية ما يحكم به العقل هو ان المكلف إذا طرأ عليه العذر أو دام عذره وجهله ، ان لا يكون مستحقا للعقاب بل يخرج من زمرة الطاغين وعداد المخالفين لعدم المخالفة عن عمد ، واما كونه خارجا من موضوع التكليف بحيث تختص فعلية الحكم بغير الجهال وذوي الاعذار ، فلا وجه له وسيأتي ان الخطابات القانونية ليست مثل الخطابات الشخصية فان الثانية لا يجوز توجيهها لغير القادر بل يقبح خطاب العاجز بشخصه ، دون الأولى (فحينئذ) فلا وقع للسؤال عن ان إسراء الحكم إلى العاجز والجاهل إسراء بلا ملاك فارتقب
وبذلك يتضح ان الفعلية والشأنية بالمعنى المعروف من إنشائية الحكم بالنسبة إلى شخص كالجاهل والغافل والساهي والعاجز ، وفعليته بالنسبة إلى مقابلاتها ، مما لا أساس له لأن الاشتراط الشرعي في بعضها غير معقول مع عدم الدليل عليه في جميعها ، والتصرف العقلي أيضا غير معقول لعدم إمكان تصرف العقل في إرادة الشارع ولا في حكمه وسيأتي توضيحه و (بالجملة) ان الأحكام المضبوطة في الكتاب والسنة لا يعقل فيها هاتان المرتبتان بالمعنى الدائر بينهم فقوله تعالى (ولله على الناس حج البيت) إلخ لا يختلف بالنسبة إلى الجاهل والعالم ولا معنى للفعلية والشأنية في هذا الحكم المجعول المنضبط بل جعل الحكم على العنوان وإجرائه بين المكلفين عند ذكر مخصصاته ومقيداته ، يوجب فعلية الحكم على عامة الناس سواء العالم والجاهل والقادر والعاجز ، وقد عرفت ان العقل يرفع حكم العقاب لا نفس التكليف.
الخامسة كل حكم كلي قانوني فهو خطاب واحد متعلق لعامة المكلفين ، بلا تعدد ولا تكثر في ناحية الخطاب بل التعدد والكثرة في ناحية المتعلق ، ويشهد عليه وجدان الشخص في خطاباته فان الشخص إذا دعا قومه لإنجاز عمل أو رفع بلية ، فهو بخطاب واحد يدعو الجميع إلى ما رامه لا انه يدعو كل واحد بخطاب مستقل ولو انحلالا ، للغوية ذلك بعد كفاية الخطاب الواحد بلا تشبث بالانحلال وما اشتهر من انحلال الخطاب الواحد إلى الخطابات حسب عدد المكلفين غير تام ، لأن ملاك الانحلال