مراتب الحكم في الإنشائية والفعلية فلا بد من توضيحهما فنقول.
الناموس المطرد في قوانين العالم هو ان الحاكم بعد ما تصور صلاح شيء وفساده وجزم ان في جعل حكم ، له صلاحا لحال اتباعه يتعلق الإرادة على إنشائه بصورة قانون كلي لعامة البشر أو لجماعة ، منهم فينشئه حكما عموميا جاعلا له في مظانه التي يطلبه فيها المراجعون ويرجع إليها في استعلام الوظيفة ، المكلفون ، ولا يتفاوت فيما ذكرنا كون الحاكم شخصا واحد أو أشخاصا متعددين غير ان الحكم في الثاني يدور مدار غالبية الآراء وكثرتها (ثم) ان للمحيط وحال المكلفين دخلا تاما في إجراء الحكم وإعلانه فان ساعدت الأحوال ووجدت شرائط الأجراء ، يأمر الحاكم بإعلانه وإيصاله إلى المكلفين ، وإلا فيترقب تناسب المحيط واستعداد الناس بقبوله ويترك هو في سنبله الإنشائي
والّذي نسميه حكما إنشائيا أو شأنيا ، هو ما حاز مرتبة الإنشاء والجعل سواء لم يعلن بينهم أصلا حتى يأخذه الناس ويتم عليهم الحجة ، لمصالح في إخفائها كالاحكام التي بقيت مخزونة لدى ولى العصر عجل الله تعالى فرجه ويكون وقت إجرائها زمان ظهوره لمصالح تقتضي العناية الإلهية كنجاسة بعض الطوائف المنتحلة بالإسلام وكفرهم ، فهو حكم إنشائي في زماننا وإذا بلغ وقت إجرائه يصير فعليا ، أو أعلن بينهم ولكن بصورة العموم والإطلاق ليلحقه التقييد والتخصيص بعد ، بدليل آخر كالاحكام الكلية التي تنشأ على الموضوعات ولا تبقى على ما هي عليها في مقام الأجراء ، فالمطلقات والعمومات قبل ورود المقيدات والمخصصات أحكام إنشائية بالنسبة إلى موارد التقييد والتخصيص وان كانت فعليات في غير هذه الموارد والّذي نسميه حكما فعليا هو ما حاز مرتبة الإعلان وتم بيانه من قبل المولى بإيراد مخصصاته ومقيداته ، وآن وقت إجرائه وحان موقع عمله (فحينئذ) فقوله تعالى أوفوا بالعقود بهذا العموم ، حكم إنشائي وما بقي بعد التقييد أو التخصيص حكم فعلى ، (هذا) هو المختار في معنى إنشائية الحكم وفعليته
فتلخص ان الأحكام منقسمة إلى حكم إنشائي وهو ما لم ير الحاكم صلاحا في إجرائه وان كان نفس الحكم ذو صلاح كالاحكام المودوعة عند صاحب الأمر الواصلة إليه من آبائه عليهمالسلام ، أو يرى صلاحا في إجرائه ولكن أنشأ بصورة العموم والإطلاق ليلحق به خصوصه وقيده هو نفسه أو وصى بعده ، وإلى حكم فعلى قد بين وأوضح بخصوصه وقيوده وآن وقت