لزوم وجود الموضوع في العلوم ، وان موضوع علم الأصول هو (الحجة في الفقه) ، يمكن ان يقال ان البحث عن وجوب المقدمة ، بحث عن عوارض ذاك الموضوع ، لا بما انه عرض خارجي ، بل بما انه عرض تحليلي ـ وبذلك ينسلك أكثر ما يبحث عنه في هذا العلم في عداد مسائله وأوضحناه بما لا مزيد عليه في مبحث حجية اخبار الآحاد (١)
__________________
(١) إشارة إلى ما ذكره (دام ظ له) في الدورة السابقة في ذلك المبحث وملخص ما أفاده هناك هو ان الاعراض الذاتيّة التي يبحث في العلم عنها أعم من الاعراض الخارجية والاعراض التحليلية ألا ترى ان موضوع علم الفلسفة هو الوجود أو الموجود بما هو موجود ومباحثه هي تعيناته التي هي الماهيات وليس نسبة الماهيات إلى الوجود نسبة العرض الخارجي إلى الموضوع بل العرضية والمعروضية انما هي لأجل تحليل من العقل فان الماهيات بحسب الواقع تعينات الوجود ومتحدات معه ومن عوارضها التحليلية فان قيل الوجود عارض الماهية ذهنا صحيح ، وان قيل الماهية عارض الوجود فانها تعينه ، صحيح
إذا عرفت ذلك فاعلم ان موضوع علم الأصول هو الحجة في الفقه فان الفقيه لما رأى احتياجه في الفقه إلى الحجة توجه إليها وجعلها وجهة نفسه وتفحص عن تعيناتها التي هي الاعراض الذاتيّة التحليلية لها المصطلحة في باب الكليات الخمس فالحجة بما هي حجة موضوع بحثه وعلمه وتعيناتها التي هي الخبر الواحد والظواهر والاستصحاب وساير المسائل الأصولية من العوارض الذاتية لها بالمعنى الّذي ذكرنا فعلى هذا يكون البحث عن حجية الخبر الواحد وغيره بحثا عن العرض الذاتي التحليلي للحجة ويكون روح المسألة ان الحجة هل هي متعينة بتعين الخبر الواحد أولا وبالجملة بعد ما علم الأصولي ان لله تعالى حجة على عبادة في الفقه يتفحص عن تعيناتها التي هي العوارض التحليلية لها فالموضوع هو الحجة بنعت اللابشرطية والمحمولات هي تعيناتها واما انعقاد البحث في الكتب الأصولية بان الخبر الواحد حجة أو الظاهر حجة وأمثال ذلك فهو بحث صوري ظاهري لسهولته كالبحث في الفلسفة بان النّفس أو العقل موجود مع ان موضوعهما هو الوجود وروح البحث فيها ان الوجود متعين بتعين العقل أو النّفس أو الجوهر أو العرض هذا مع انه لو كان البحث في حجية الخبر الواحد هو بهذه الصورة فأول ما يرد على الأصوليين ان الحجة لها سمة المحمولية لا الموضوعية كما ان هذا الإشكال يرد على الفلاسفة أيضا ونسبة الغفلة والذهول إلى أئمة الفن والفحول غفلة وذهول*