وجلاله وكبريائه أو الخوف من سلاسله وناره أو الطمع في رضوانه وجنته «فحينئذ» نقول : ان أراد القائل من كون الأمر محركا إلى محركية نفسه ، ان الأمر الإنشائي المتعلق بالعنوان المقيد موجب لذلك المحال ، فقد عرفت ان الإنشاء والإيقاع لا يحتاج إلى مئونة أزيد من تصور الطرفين ، مع انه قد أقر بصحة ذلك الإيقاع.
وان أراد ان الأمر المحرك للمكلف تكوينا محرك إلى محركية نفسه ، فهو باطل بحكم الأمر الثاني وان نسبة التحريك إليه بضرب من التشبيه ، إذ العبد إذا أدرك استحقاق المولى للإطاعة أو خاف من ناره وغضبه ورأى ان الإطاعة لا يحقق إلّا بالإتيان بالصلاة المقيدة فلا محالة يقوم بامتثاله كيف ما امر.
(واما) قوله : ان الصلاة غير متعلقة بالأمر حتى يأتي بها بقصد امرها لأن المفروض ان الأمر لم يتعلق إلّا بالمقيد بقصد الأمر (فالجواب) عنه يتوقف على رفع الحجاب عن كيفية دعوة الأمر في المركبات والمقيدات إلى اجزائها وقيودها و (سنحقق الحال في ذلك إذا حان حينه عند البحث عن المقدمات الداخلية) ، ومجمل القول فيه : ان الأوامر المتعلقة بالمركبات والمقيدات انما تتعلق بهما بما انهما موضوعات وحدانية ولو اعتبارا ، ولها امر واحد لا ينحل إلى أوامر متعددة ولا فرق بينهما وبين البسائط في ناحية الأمر فهو بعث وحداني تعلق بالبسيط أو المركب والمقيد ، فالمطابق للبرهان والوجدان هو ان البعث في هذه الأقسام الثلاثة على وزان واحد لا ينحل الأمر إلى أوامر ولا الإرادة إلى إرادات ، وان كانت تفترق في انحلال الموضوع في الأولين دون الثالث ، ولكن دعوة الأمر إلى إيجاد القيود والاجزاء بعين الدعوة إلى إيجاد المركب والمقيد ، وإيجاد القيد أو الجزء امتثال للأمر المتعلق بالمقيد والمركب لا امتثال لأمرهما الضمني أو الانحلالي كما اشتهر بين القوم ، لأن العقل حاكم على ان كيفية امتثال الأمر المتعلق بالمركب والمقيد انما هو بالإتيان بالاجزاء وإيجاد القيود (فحينئذ) فالجزء أو القيد ليس غير مدعو إليهما رأسا ولا مدعو إليهما بدعوة خاصة منحلة ، بل مدعو إليهما بعين دعوته إلى المركب أو المقيد ، إذ الأمر واحد والمتعلق فارد ، إذا عرفت ذلك تقدر على حل العويصة إذ المأمور به وان كان هو المقيد بقصد الأمر وهو قد تعلق بنعت التقيد ، إلّا ان نفس الصلاة المأتي بها تكون مدعوة بنفس دعوة الأمر المتعلق بالمقيد ، لا بأمرها الخاصّ وهذا يكفى في مقام الإطاعة.