على الأمر الحاصل بنفس الإنشاء ، «وبعبارة أخرى» ان فعلية التكليف متأخرة عن الإنشاء رتبة ، وفي رتبة الإنشاء يتحقق الموقوف عليه ، بل لنا ان نقول : ان فعلية التكليف لا تتوقف على فعلية الموضوع توقف المعلول على علته بل لا بد في حال فعلية الحكم من فعلية الموضوع ولو صار فعليا بنفس فعلية الحكم لأن الممتنع هو التكليف الفعلي بشيء لم يكن متحققا بالفعل ، واما التكليف الفعلي بشيء يصير فعليا بنفس فعلية الحكم ، لم يقم دليل على امتناعه بل الضرورة قاضية بجوازه (الثاني) ان الأمر يتوقف على قدرة المكلف وهي في المقام تتوقف على الأمر ، وفيه ما مر ، من ان الأمر لا يتوقف على قدرة العبد في ظرف البعث والأمر ، إذ ربما يكون المأمور به مقيدا بقيد غير حاصل في زمان البعث ، كالوقت بناء على جواز الواجب المعلق كما سيأتي تحقيقه بل يتوقف على قدرته في مقام الامتثال وفي ذلك الوعاء يكون الأمر متحققا.
(الثالث) ان امتثال ذلك الأمر المقيد بقصد امره محال ، فالتكليف وانقداح الإرادة لأجله محال (توضيحه ،) ان الأمر لا يدعوا إلّا إلى متعلقة والمتعلق هاهنا هو الشيء المقيد بقصد الأمر فنفس الصلاة مثلا لا تكون مأمورا بها حتى يقصد المأمور امتثال امرها ، والدعوة إلى امتثال المقيد محال ، للزوم كون الأمر داعيا إلى داعوية نفسه ومحركا لمحركية نفسه وهو تقدم الشيء على نفسه برتبتين وعلية الشيء لعلة نفسه.
(والجواب) عنه يظهر بتوضيح امرين وان مضت الإشارة إليهما (الأول) ان متعلقات الأوامر ليست إلّا الماهيات المعقولة ، لا أقول ان المأمور به انما هي الصلاة في الذهن حتى يصير امتثاله محالا ، بل طبيعة الصلاة بما انها ماهية كلية قابلة للانطباق على كثيرين والوجود الذهني آلة تصورها فالبعث إليها في الحقيقة امر بإيجادها وتحصيلها ، فهي بما انها مفهوم ، مأمور به ومعروض للوجوب ومتعلق للحكم على تسامح في إطلاق العرض عليه ، والوجود الخارجي مصداق للمأمور به لا نفس الواجب ولذلك يكون الخارج ظرف السقوط دون الثبوت ، وعليه فالموضوع في المقام ليس إلّا الصلاة المتصورة مع قصد امرها والإنشاء والأمر إنشاء على ذلك المقيد (الثاني) ان الأمر ليس إلّا المحرك والباعث الإيقاعي لا المحرك الحقيقي والباعث التكويني ، ولهذا ليس شأنه الا تعيين موضوع الطاعة من غير ان يكون له تأثير في بعث المكلف تكوينا ، وإلّا لوجب اتفاق الافراد في الإطاعة بل المحرك والداعي حقيقة ليست إلّا بعض المبادي الموجودة في نفس المكلف كمعرفته لمقام ربه ودرك عظمته