قوله تعالى : (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) معطوف على"(سَنُقْرِئُكَ)". والمعنى : سنوفقك (١) للطريقة التي هي أيسر وأسهل ، يعني : حفظ الوحي.
وقيل : للشريعة السمحة التي هي أيسر الشرائع.
وقيل : نيسرك لعمل الخير.
(فَذَكِّرْ) أي : فعظ أهل مكة.
قال صاحب الكشاف (٢) : إن قلت : كان الرسول صلىاللهعليهوسلم مأمورا بالذكرى ، نفعت أو لم تنفع ، فما معنى اشتراط النفع؟
قلت : هو على وجهين :
أحدهما : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم ، وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوا وطغيانا ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يتلظى حسرة وتلهّفا ، ويزداد جدّا في تذكيرهم وحرصا عليه ، فقيل له : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) [ق : ٤٥] ، و (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ) [الزخرف : ٨٩] ، (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) ، وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير.
الثاني : أن يكون ظاهره شرطا ، ومعناه ذما للمذكّرين ، وإخبارا عن حالهم ، واستبعادا لتأثير الذكرى فيهم ، وتسجيلا عليهم بالطبع على قلوبهم ، كما تقول للواعظ : عظ المكّاسين إن قلبوا منك. قاصدا بهذا الشرط استبعاد ذلك ، وأنه لن يكون.
قوله تعالى : (سَيَذَّكَّرُ) أي : سيقبل التذكرة وينتفع بها (مَنْ يَخْشى) الله وسوء
__________________
(١) في ب : ونوفقك.
(٢) الكشاف (٤ / ٧٤١).