تعالى عليهم ، فلما قدم الملك سفّه رأيها فيما فعلت ، فقالت : غضبت لك وحكمت بحكمك ، فأوحى الله تعالى إلى إلياس أن قل له [ولزوجته](١) : إن الله تعالى قد غضب لوليه حين قتلتموه ظلما ، وآلى على نفسه إن لم تتوبا وتردّا الجنينة إلى ورثة وليي ؛ أن يهلكهما في جوف الجنينة أيسر ما تكونان ، ثم يدعكما جيفتين ملقاتين فيها حتى تتعرى عظامكما من لحومكما ، ولا يتمتعان بها إلا قليلا ، فلما بلغه رسالة ربه اشتد غضبه على إلياس وقال : والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلا ، والله ما أرى إلا فلانا وفلانا ـ سمّى ملوكا كانوا يعبدون الأوثان ـ إلا على مثل ما نحن عليه ، يأكلون ويشربون ويتمتعون ، ما ينقص من دنياهم أمرهم الذي تزعم أنه باطل ، وما ترى لنا عليهم من فضل ، وهمّ بتعذيب إلياس ، فلما أحس بذلك خرج هاربا منه ، فلحق بشواهق الجبال ، وعاد الملك إلى عبادة الأوثان ، وعكف على «بعل» يعبده من دون الله ، وجعل له أربعمائة سادن يحفظونه ويقومون بأمره ، وكان الشيطان يدخل في جوفه فيكلم السدنة ، فمرض ابن الملك ـ وكان يحبه حبا شديدا ـ فسأل السدنة أن يلتمسوا له الشفاء من «بعل» ، فدعوه فلم يجبهم ، ومنعت القدرة الإلهية الشيطان أن يلج في جوف «بعل» ، فلما طال ذلك عليهم قالوا : أيها الملك إن إلهك عليك غضبان ، قال : ولم وأنا أعبده وأطيعه؟ قالوا : لأنك لم تقتل إلياس وفرطت فيه حتى نجا سالما ، وهو كافر بإلهك ، فخذ في طلبه ، وهلك ابنه ، ودعا عليهم إلياس فحبس الله تعالى عليهم القطر ثلاث سنين وهلك أكثرهم ، فرجع إليهم إلياس فقال : إن كنتم لم تعلموا أنكم على باطل فاخرجوا بأصنامكم
__________________
(١) في الأصل : لزوجته.