ثم ذمّهم الله تعالى على التقليد في الشرك فقال : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) أي : وجدوهم زائغين عن طريق الهدى.
(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) قال الزجاج (١) : يتبعونهم في سرعة ، كأنهم يزعجون [من الإسراع](٢) إلى اتباع آبائهم.
(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ)(٨٢)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) أي : دعانا على قومه حين أيس منهم ، (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) اللام جواب قسم محذوف ، والمخصوص بالمدح محذوف ، تقديره : فو الله لنعم المجيبون نحن.
والمراد : أجبناه أحسن الإجابة من نصره على أعدائه والانتقام منهم بأبلغ أنواع العذاب.
(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) وذلك أنه مات كل من كان معه في السفينة غير ولده.
وقيل : المعنى : هم الذين بقوا متناسلين إلى يوم القيامة ، وذلك أنه كان معه في السفينة أولاده الثلاثة : سام ـ وهو أبو العرب ـ ، ويافث ـ أبو الروم ـ وحام ـ أبو
__________________
(١) معاني الزجاج (٤ / ٣٠٧).
(٢) زيادة من معاني الزجاج ، الموضع السابق.