الصورة : كأنه وجه شيطان ، وإذا [صوّره](١) المصورون جاؤوا به على أقبح ما يقدروا ، وبالعكس من ذلك [تشبيههم](٢) الأشياء المتناهية الحسن بالملائكة ؛ لما تقرر في النفوس من حسن الصورة الملكية وإن لم يشاهدوها ؛ لكون الملك خيرا محضا ، ومنه قوله تعالى : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)(٣) [يوسف : ٣١].
قوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها) أي : من ثمرها (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) إما لما يغلبهم من الجوع المفرط ، أو لكونهم يكرهون على أكلها.
(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً) أي : لخلطا ومزاجا (مِنْ حَمِيمٍ) وهو الماء المتناهي الحرارة ، إما أنهم يشربونه لعطشهم إذا أكلوا الزقوم ، أو يشاب لهم الزقوم بالحميم قبل تناوله.
والأول أظهر في العربية ؛ لترتيبه بحرف «ثم».
وقرئ شاذا : «لشوبا» بضم الشين (٤) ، و «هم» اسم لما يشاب به ، والأول تسميه بالمصدر.
قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) فيه إشعار بأنهم يذهب بهم عن دركاتهم في النار إلى شجرة الزقوم والماء الحميم فيتطلعون منهما ثم يرجعون إلى أماكنهم ، وهذا كقوله تعالى في موضع آخر : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن : ٤٤].
__________________
(١) في الأصل : صوروه. والتصويب من الكشاف (٤ / ٤٨).
(٢) في الأصل : تشبههم. والصواب ما أثبتناه.
(٣) هذا كلام الزمخشري في الكشاف (٤ / ٤٨).
(٤) وهي قراءة شيبان النحوي. انظر هذه القراءة في : البحر (٧ / ٣٤٨) ، والدر المصون (٥ / ٥٠٦).