الجزاء أن يتعقب الشرط وهذا سابق له؟
قلت : معناه : وإن يكذبوك فتأسّ بتكذيب الرسل من قبلك ، فوضع : «فقد كذبت رسل من قبلك» موضع : فتأسّ ، استغناء بالسبب عن المسبب ، أعني : بالتكذيب عن التأسي.
(الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ)(٨)
قوله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) قال ابن عباس : نزلت في أبي جهل ومشركي مكة (١).
وقال سعيد بن جبير : نزلت في أصحاب الأهواء والملل التي خالفت الهدى (٢).
والمعنى : أفمن زين سوء عمله ففارق النهي ووافق الهوى وأطلق عنان نفسه في ميادين شهواتها ، حتى رأى القبيح حسنا ، والحسن قبيحا ، كما قال أبو نواس لأبي العتاهية حين وعظه وزجره عما كان مساكنا له من اللذات التي استهوته وسلبته لباس التقوى :
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٥٠١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٤٧٥).
(٢) مثل السابق.