فعلى هذين التأويلين : الضمير في قوله : «عليه» يعود على الله تعالى.
وقد روي عن ابن عباس أنه يعود إلى الخلق (١) ؛ لأن الله خلقه نطفة ثم علقة ثم مضغة ، ويوم القيامة يقول له : كن فيكون ، وذلك أهون عليه من تنقله من حال إلى حال. وهذا اختيار قطرب (٢).
(وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي : الوصف الأعلى الذي لا يشارك فيه ، قد وصف به في السموات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل ، وهو أنه القادر الذي لا يعجزه ما شاء من الإعادة والإنشاء وغيرهما.
وقال مجاهد : المثل الأعلى : قول : لا إله إلا الله (٣).
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ)(٢٩)
قوله تعالى : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي : بين لكم شبها من أنفسكم ، (هَلْ لَكُمْ) أيها السادة (مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يعني : من عبيدكم (مِنْ شُرَكاءَ
__________________
(١) ذكره الطبري (٢١ / ٣٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٢٩٨).
(٢) انظر قول قطرب في : زاد المسير (٦ / ٢٩٨).
(٣) أخرجه الطبري (٢١ / ٣٨) ، وابن أبي حاتم (٩ / ٣٠٩٠) كلاهما عن قتادة. وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٤٩١) وعزاه لعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة.