الحجاب ، فنزل» (١).
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) في معنى الظرف ، تقديره : وقت أن يؤذن لكم ، و (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) حال [من](٢) «لا تدخلوا» ، والاستثناء واقع على الوقت والحال معا ، تقديره : لا تدخلوا إلا وقت الإذن ، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين إناه (٣) ، أي : نضجه وبلوغه. يقال : أنى يأني إذا حان وأدرك (٤).
(وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) معطوف على «ناظرين» ، فيكون مجرورا ، أو هو منصوب ، على معنى : ولا تدخلوها مستأنسين (٥).
قوله تعالى : (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) لا بد فيه من تقدير المضاف ، أي : فيستحيي من إخراجكم.
(وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) أي : لا يترك ما يبيّن لكم أنه الحق.
__________________
(١) أخرجه البخاري (١ / ٦٧ ح ١٤٦) ، ومسلم (٤ / ١٧٠٩ ح ٢١٧٠).
(٢) زيادة من الكشاف (٣ / ٥٦٣).
(٣) هذا قول الزمخشري في الكشاف (٣ / ٥٦٣). وانظر : الدر المصون (٥ / ٤٢٤).
قال أبو حيان في البحر (٧ / ٢٣٧) : فقوله : (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ) في معنى الظرف ، وتقديره : وقت أن يؤذن لكم ، وأنه أوقع الاستثناء على الوقت فليس بصحيح ، وقد نصوا على أنّ «أن» المصدرية لا تكون في معنى الظرف ، تقول : أجيئك صياح الديك وقدوم الحاج ، ولا يجوز : أجيئك أن يصيح الديك ولا أن يقدم الحاج. وأما أن الاستثناء وقع على الوقت والحال معا ؛ فلا يجوز على مذهب الجمهور ، ولا يقع بعد إلا في الاستثناء إلا المستثنى ، أو المستثنى منه ، أو صفة المستثنى منه ، وأجاز الأخفش والكسائي ذلك في الحال ، أجازا : ما ذهب القوم إلا يوم الجمعة راحلين عنا ، فيجوز ما قاله الزمخشري في الحال.
(٤) انظر : اللسان (مادة : أني).
(٥) انظر : الدر المصون (٥ / ٤٢٤) ، والتبيان (٢ / ١٩٤).