(يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً)(٢٠)
قوله تعالى : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أي : يظن المنافقون ـ لما يداخلهم من الخوف المفرط وما عندهم من الجبن الشديد ـ أن الأحزاب لم يذهبوا راجعين إلى مكة.
(وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كرّة ثانية (يَوَدُّوا) لما أصابهم في الكرّة الأولى (لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) وقرأ ابن عباس : «لو أنهم بدّى» بتشديد الدال والتنوين (١) ، جمع باد ؛ كغاز وغزّى. والمعنى : يحبوا لو أنهم في البادية مع الأعراب حذرا من القتال الذين لا يرجون بفعله ثوابا ولا يخافون بتركه عقابا.
(يَسْئَلُونَ) كل وارد عليهم وداخل إليهم (عَنْ أَنْبائِكُمْ) أما هلك محمد وأصحابه؟ ما فعل أبو سفيان وأحزابه؟.
وقرأت ليعقوب من رواية رويس : «يسّاءلوا» بالمد وتشديد السين (٢) ، على معنى : يتساءلون ويقول بعضهم لبعض : ماذا سمعت.
(وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) أي : لم يقاتلوا إلا تعللا رياء وسمعة.
وفي هذا الكلام تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، وإعلام لهم أن حضور المنافقين للقتال وعدم حضورهم سيّان ؛ لكونهم لا غنى عندهم في الحرب ولا يقع فيهم.
__________________
(١) ذكر هذه القراءة السمين الحلبي في : الدر المصون (٥ / ٤٠٩).
(٢) النشر (٢ / ٣٤٨) ، والإتحاف (ص : ٣٥٤).