(إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) قتلا أو غيره من أصناف الشر ، (أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) نصرا على الأعداء أو غيره من أنواع الخير.
فإن قيل : كيف تساوقت الإرادتان على العصمة إلا من السوء؟
قلت : عنه جوابان :
أحدهما : أنه من باب :
وعلفتها تبنا وماء باردا |
|
................ (١) |
تقديره : من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة.
الثاني : أن المراد بالعصمة : مطلق المنع ، وبهذا التقرير يحسن تساوقهما عليه.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)(١٩)
قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) أي : المتثبّطين منكم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهم المنافقون كانوا يقولون لإخوانهم من الأنصار : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ، ولو كانوا لحما لا لتهمهم أبو سفيان وأصحابه ، فخلوهم وهلموا
__________________
(١) تقدم.