(زِدْناهُمْ عَذاباً) مضاعفا عليهم بسبب ضلالهم وإضلالهم (فَوْقَ الْعَذابِ) المعدّ لأهل الضلال (بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) في الدنيا بالكفر والفجور والصد عن سبيل الله.
قال ابن مسعود : زيدوا حيات كأمثال الفيلة ، وعقارب كأمثال البغال (١).
وقيل : إنهم يخرجون من حر النار إلى الزّمهرير (٢) ، [فيتبادرون](٣) من شدة برده إلى النار.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) يريد : الأنبياء ، كما سبق آنفا.
(وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) الأمة. وهذا وقف التمام.
وقد تكلمنا على هذا المعنى فيما سبق.
ثم ابتدأ فقال : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) يعني : لكل شيء من أمر الدين ، إما نصا وإما دلالة وإحالة على السّنّة ، فإن الكتاب العزيز اشتمل على الأمر بالانتهاء إليهما والاعتماد عليهما. قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧].
قال الزجاج (٤) : التبيان : اسم في معنى البيان. ويجوز فتحه في غير القرآن ،
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٧٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٨٢) ، والبغوي في تفسيره (٣ / ٨١).
(٢) الزمهرير : شدة البرد (اللسان ، مادة : زمهر).
(٣) في الأصل : فيبادون. والتصويب من زاد المسير (٤ / ٤٨٢).
(٤) معاني الزجاج (٣ / ٢١٧).