لكاذبون»؟
قلت : لما كانوا غير راضين بعبادتهم فكأن عبادتهم لم تكن عبادة. والدليل عليه قول الملائكة : (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) [سبأ : ٤١] يعنون : أن الجن كانوا راضين بعبادتهم لا نحن ، فهم المعبودون دوننا. أو كذبوهم في تسميتهم شركاء وآلهة تنزيها لله عزوجل عن الشّريك.
وإن أريد بالشركاء : الشياطين ، جاز أن يكونوا كاذبين في قولهم : «إنكم لكاذبون» ، كما يقول الشيطان : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) [إبراهيم : ٢٢].
(وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ) يعني : المشركين (يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) استسلموا لأمر الله يوم القيامة وانقادوا له خاضعين بعد إبائهم واستكبارهم في الدنيا.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ) زال وبطل (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من أن لله شركاء وأنها تشفع لهم عنده وتنصرهم.
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ)(٨٩)
قوله تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قال ابن عباس : منعوا الناس من طاعة الله والإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم (١).
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٧٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٨١).