الثالث : أنه الطّعم (١) ، يقال : هذا سكر لك ، أي : طعم لك. قاله أبو عبيدة (٢) ، [وأنشدوا](٣) :
جعلت أعراض الكرام سكرا (٤)
يريد : تنقّلت بأعراضهم وجعلتها طعما لك.
الرابع : أنه العصير إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ، ثم يترك حتى يشتد. قاله الضحاك والشعبي (٥) ، وهو النبيذ ، الذي صار أبو حنيفة إلى القول بحلّه ما لم يسكر منه.
وله رحمهالله أحاديث وآثار ، لكنها لا تترقى في الصحة إلى أحاديثنا وآثارنا ، ولو شرعت في إقامة الحجة على ذلك وذكر الأدلة من الجانبين لطال الفصل.
ويكفي في الاعتبار على صحة ما صار إليه إمامنا وأكثر الفقهاء ؛ ما أخرج رضي الله عنه في مسنده وأخرجه الشيخان في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كل شراب أسكر فهو حرام» (٦).
__________________
(١) وهو اختيار الطبري.
(٢) مجاز القرآن (١ / ٣٦٣).
(٣) في الأصل : وأنشد وجعلت ... ، والتصويب من زاد المسير (٤ / ٤٦٤).
(٤) من الرجز ، لم أعرف قائله. انظر : اللسان (مادة : سكر) ، والكشاف (٢ / ٥٧٦) ، والدر المصون (٤ / ٣٤٥) ، والبحر المحيط (٥ / ٤٩٥) ، وروح المعاني (١٤ / ١٨٠).
وروي الرجز : جعلت عيب الأكرمين سكرا. انظر : الطبري (١٤ / ١٣٨) ، والقرطبي (١٠ / ١٢٩) ، وزاد المسير (٤ / ٤٦٤).
(٥) أخرج نحوه الطبري (١٤ / ١٣٧). وانظر : البغوي (٣ / ٧٥).
(٦) أخرجه البخاري (١ / ٩٥ ح ٢٣٩) ، ومسلم (٣ / ١٥٨٥ ح ٢٠٠١) ، وأحمد (٦ / ٩٦ ح ٢٤٦٩٦).