وقال المبرد (١) : هذا فاش في القرآن ، مثل قوله للشمس : (هذا رَبِّي) [الأنعام : ٧٨] بمعنى : هذا الشيء الطالع ، وكذلك (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ) [النمل : ٣٥] ثم قال : (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ) [النمل : ٣٦] ولم يقل : جاءت ؛ لأن المعنى : [جاء](٢) الشيء الذي ذكرناه.
وقال أبو عبيدة (٣) : الهاء في «بطونه» للبعض.
المعنى : نسقيكم مما في بطون البعض الذي له لبن ؛ لأنه ليس لكل الأنعام لبن.
قوله تعالى : (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ) قال ابن عباس : إذا استقر العلف في الكرش طحنه فصار أسفله فرثا ، وأعلاه دما ، وأوسطه لبنا ، والكبد مسلّطة على هذه الأصناف الثلاثة ، فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، ويبقى الفرث (٤) في الكرش (٥).
و «من» في قوله : «مما في بطونه» للتبعيض ، وفي قوله : «من بين فرث ودم» لابتداء الغاية.
(لَبَناً) أي : نسقيكم لبنا ، (خالِصاً) لا يشوبه الدم ولا الفرث ، سليما من رائحتهما وطعمهما ولونهما ، مع اشتراك الأصناف الثلاثة في العنصر والمستقر.
(سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) سلسا سهلا في حلوقهم ، مستطابا عندهم ، لا تعافه
__________________
(١) انظر قول المبرد في : الوسيط (٣ / ٧٠) ، وزاد المسير (٤ / ٤٦٣).
(٢) زيادة من المراجع السابقة.
(٣) مجاز القرآن (١ / ٣٦٢).
(٤) الفرث : بقايا الطعام في الكرش (المعجم الوسيط ص : ٦٧٨).
(٥) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٧٠) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٦٤).