يريد : لو أمن عذاب الله لأطاعه ؛ لما طبع عليه من صفات الخير ، فكيف وهو يرجوه ويخافه.
(وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) قال ابن عباس : يريد : أمر الجنة أعظم وأكبر من أن يعلمه أحد ويقدر على صفته أحد (١).
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أعطى الرجل من المهاجرين العطاء قال : خذ بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله تعالى في الدنيا ، وما ادخر لك في الآخرة أكبر ، ثم تلا هذه الآية (٢).
قوله تعالى : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) اختلفوا في الضمير في «كانوا» فقال قوم : هو للكفار ، على معنى : لو علموا ما يجمع الله لهؤلاء المستضعفين في أيديهم من خير الدنيا والآخرة لرغبوا في دينهم وانتظموا في سلكهم.
وقال قوم : الضمير للمهاجرين ، أي : لو كانوا يعلمون ذلك على حقيقة ما هو عليه لزادوا في اجتهادهم وصبرهم.
ثم مدحهم فقال : (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) وهو في موضع نصب أو رفع ، وكلاهما على المدح (٣).
والمعنى : صبروا على مفارقة الأهل والأزواج والأولاد والأوطان وعلى
__________________
ـ يظفر به بعد البحث ، وكذا كثير من أهل اللغة ، لكن نقل في المقاصد عن الحافظ ابن حجر : أنه ظفر به في مشكل الحديث لابن قتيبة من غير إسناد.
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٦٣).
(٢) أخرجه الطبري (١٤ / ١٠٧). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ١٣٢) وعزاه لابن جرير وابن المنذر.
(٣) التبيان (٢ / ٨١) ، والدر المصون (٤ / ٣٢٧).