تعالى بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس ، فما منهم من إنسان إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا ، فإنه هانت عليه نفسه في الله عزوجل ، وهان على قومه ، وأعطوه الولدان ، فأخذوا يطوفون به شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد» (١).
وقيل : نزلت في جميع المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة وأخرجوهم من ديارهم ، فمنهم من هاجر الهجرتين ؛ كعثمان بن عفان ، وجعفر بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، ومنهم من هاجر إلى المدينة فقط.
ومعنى قوله : (فِي اللهِ) في طلب مرضاته وثوابه.
(لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) أي : بلدة أو دارا حسنة ، وهي المدينة ، في قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والأكثرين (٢).
ويجوز أن يكون صفة ، التقدير : لنبوئنهم تبوئة حسنة (٣).
وقيل : المعنى : لننزلنهم في الدنيا منزلة حسنة ، وهي الغلبة والنصر على الأعداء ، وجميل الذكر والثناء.
قال عمر بن الخطاب : «أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا بلالا» (٤).
وقال أيضا : «نعم الرجل صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه» (٥).
__________________
(١) أخرجه أحمد (١ / ٤٠٤ ح ٣٨٣٢).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٦٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٤٨).
(٣) التبيان (٢ / ٨١) ، والدر المصون (٤ / ٣٢٧).
(٤) أخرجه البخاري (٣ / ١٣٧١ ح ٣٥٤٤).
(٥) ذكره العجلوني في كشف الخفاء (٢ / ٤٢٨ ح ٢٨٣١) وقال : اشتهر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من حديث عمر ، وبعضهم يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. وذكر البهاء السبكي : أنه لم ـ