وعدوا به من العذاب الكائن بعد البعث ، (أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) فيما أقسموا عليه من نفي البعث.
وإن قلنا : اللام متعلقة بقوله تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا) فالمعنى : وليعلم الذين كفروا إذا شاهدوا معجزات الرسل ، وبراهينهم الساطعة ، ودلائلهم القاطعة ، أنهم كانوا كاذبين على الله تعالى.
قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي : أحدث فيحدث عقيب ذلك من غير توقف ، فماذا تستبعدون من إعادة الأجساد البالية.
وقرأ ابن عامر والكسائي : «فيكون» بالنصب عطفا على «نقول» (١). وقد سبق الكلام على هذه الآية في سورة البقرة (٢).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) نزلت في الذين عذّبوا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ كبلال ، [وعمار](٣) ، وصهيب ، وخباب بن الأرتّ ، وأمثالهم من الذين هاجروا من بعد ما ظلموا وعذبوا (٤).
أخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن مسعود قال : «كان أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأبو بكر ، وعمار ، وأمه سمية ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد. فأما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمنعه الله تعالى بعمّه أبي طالب ، وأما أبو بكر فمنعه الله
__________________
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣٧) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٨٩) ، والكشف (١ / ٢٦٠) ، والنشر (٢ / ٢٢٠) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٨) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٧٣).
(٢) آية رقم : ١١٧.
(٣) في الأصل : عمار. والمثبت من زاد المسير (٤ / ٤٤٨).
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٦٣) ، وأسباب النزول (ص : ٢٨٥).