لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(٤٢)
قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) قال أبو العالية : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين ، فتقاضاه ، فقال المسلم : والذي أرجوه بعد الموت ، فقال المشرك : وإنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت ، فأقسم لا يبعث الله من يموت ، فنزلت هذه الآية (١).
(بَلى) إثبات لما بعد النفي (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) أي : ليبعثنهم ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) يعني : المشركين (لا يَعْلَمُونَ).
أخرج البخاري في صحيحه من أفراده من حديث أبي هريرة ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «قال الله عزوجل : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك. فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا ، وأنا الأحد الصمد ، لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفوا أحد» (٢).
قوله تعالى : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) اللام في «ليبين» متعلقة بما دل عليه قوله : «بلى» ، أي : يبعثهم ليبين لهم ، أو تكون متعلقة بقوله : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً). والأول أظهر ؛ لقوله : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وذلك عند معاينة ما
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٤ / ١٠٥). وانظر : أسباب النزول للواحدي (ص : ٢٨٥) ، وزاد المسير (٤ / ٤٤٦). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ١٣٠) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه البخاري (٤ / ١٩٠٣ ح ٤٦٩٠).