قال قتادة : نسخت بقوله : (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ)(١) [النور : ٦٢].
قوله تعالى : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) قال الزجاج (٢) : أعلم الله عزوجل أن علامة المنافق في ذلك الوقت : الاستئذان في التخلّف عن الجهاد.
قال ابن عباس : هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ)(٣) [النور : ٦٢].
وأنكر أبو سليمان الدمشقي دعوى النسخ هاهنا ؛ لإمكان العمل بالآيتين ، فإنه إنما عاب على المنافقين أن يستأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذر ، وأجاز للمؤمنين الاستئذان لحاجة (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٠ / ١٤٢) ، والبيهقي (٩ / ١٧٣) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٨٠٥). وانظر : الوسيط (٢ / ٥٠٠) ، وزاد المسير (٣ / ٤٤٥) ، ومعاني القرآن للنحاس (٣ / ٢١٤). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٢١١) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبي الشيخ.
قال أبو حيان في البحر المحيط (٥ / ٤٩) : وهذا غلط ؛ لأن النور نزلت سنة أربع من الهجرة في غزوة الخندق ، في استئذان بعض المؤمنين الرسول في بقائهم في بيوتهم في بعض الأوقات ، فأباح الله أن يأذن ، فتباينت الآيتان في الوقت والمعنى.
(٢) معاني الزجاج (٢ / ٤٥٠).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٦ / ١٨٠٦) ، والبيهقي (٩ / ١٧٣). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٣ / ٤٤٦) ، والسيوطي في الدر (٤ / ٢١١) وعزاه لأبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه.
(٤) انظر : زاد المسير (٣ / ٤٤٦). وانظر دعوى النسخ في : الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص : ١٠٠) ، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص : ٤٠) ، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص : ٥٠٥ ـ ٥٠٦) ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص : ٣٦٧ ـ ٣٦٨).