ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع» (١). هذا حديث صحيح ، انفرد مسلم بإخراجه في صحيحه ، فرواه عن محمد بن حاتم ، عن يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل.
قوله تعالى : (إِلَّا تَنْفِرُوا) أي : تخرجوا من بيوتكم مع نبيكم لجهاد أعداء الله وإعلاء كلمة الإسلام (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) قال ابن عباس : استنفر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه ، فأمسك الله المطر عنهم فكان عذابهم (٢).
(وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) خيرا منكم وأطوع.
ثم أخبر سبحانه وتعالى أنه غني عنهم ، وأن تثاقلهم غير قادح في إظهار دينه فقال : (وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً) والضمير في" تضرّوه" يرجع إلى الله تعالى ، في قول الحسن (٣).
وقيل : يرجع إلى ما يرجع إليه قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) وهو محمد صلىاللهعليهوسلم.
والمعنى : إلا تنصروه أيها المتثاقلون عن النفير معه المتثبطون عن طاعته (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) ولستم معه حين كان بمكة وأجمعوا على المكر به ، (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : اضطروه إلى الخروج بأنواع الأذى ، وما تمالؤوا عليه من الفتك به يوم اجتمعوا بدار الندوة.
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢١٩٣ ح ٢٨٥٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٣ / ١١) ، والبيهقي في سننه (٩ / ٤٨) ، والحاكم (٢ / ١١٤) ، والطبري (١٠ / ١٣٤) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٧٩٧). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤) وعزاه لأبي داود وابن المنذر وأبي الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه.
(٣) الماوردي (٢ / ٣٦٣) ، وزاد المسير (٣ / ٤٣٨).