مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه (١).
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(١٨٦)
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ) قال الحسن البصري رحمهالله : قام النبي صلىاللهعليهوسلم ليلا على الصفا يدعو قريشا فخذا فخذا ، فيقول : يا بني فلان! يا بني فلان! يحذرهم بأس الله وعقابه ، فقال قائلهم : إن صاحبهم هذا لمجنون ، بات يصوّت حتى الصباح ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يحضهم على التفكر في أمر النبي صلىاللهعليهوسلم والنظر فيما دعاهم إليه (٢).
والوقف على قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) وقف تام.
ثم نفى عن رسوله صلىاللهعليهوسلم ما اقترفوه ، فقال : (ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) أي : جنون ، (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ) للحق ، (مُبِينٌ) للباطل من الحق.
فإن قيل : لم عدل عن اسمه العلم ، وهو محمد ، أو صفته العالية ، وهي الرسول ، ولم يضيفه إلى نفسه ، فلم يقل : ما بمحمد ، ما برسولي من جنّة ، وإنما
__________________
(١) ذكره القرطبي (١٨ / ٢٥١).
(٢) أخرجه الطبري (٩ / ١٣٦) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٦٢٤) كلاهما عن قتادة. وانظر : لباب النقول في أسباب النزول (ص : ١٠٥) ، وزاد المسير (٣ / ٢٩٦) عن الحسن وقتادة. وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦١٨) ، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.