قال المفسرون : خاف موسى عليهالسلام أن يتهمه بنو إسرائيل ولا يصدقوه إذا عاد إليهم فأخبرهم بالحال ، وتضرع إلى الله وقال : (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ) يعني : من قبل خروجنا ، أو من قبل هذا الميقات ، أو من قبل أن تبتليهم بما استوجبوا به الرجفة ، (وَإِيَّايَ) فكان بنو إسرائيل يعاينون ذلك ولا يتهموني (١).
(أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) قال المبرد : هذا استفهام استعطاف ، أي : لا تهلكنا (٢) ، وقد علم موسى أن الله أعدل من أن يؤاخذ بجزيرة الجاني غيره ، ولكن هذا كقول عيسى : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) [المائدة : ١١٨].
وقيل : استفهام في معنى الجحد ، أي : لست تفعل ذلك (٣).
وقيل : أراد بالاستفهام : عبدة العجل ، كأنه عليهالسلام ظن أنهم إنما هلكوا باتخاذ أصحابهم العجل وإقامتهم بين أظهرهم ، لم يزايلوهم ولم يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر.
(إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) أي : إن الفتنة التي وقع فيها السفهاء" إلا فتنتك" امتحانك وابتلاؤك ، (تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) وهم الذين أصابتهم الفتنة ، (وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) وهم الذين اعتصموا بدينهم وأقاموا على طاعة ربهم ، (أَنْتَ وَلِيُّنا) القائم بأمرنا وحفظنا (فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ).
(وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ
__________________
ـ الشيخ.
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٢ / ٤١٥) ، وزاد المسير (٣ / ٢٦٩).
(٢) انظر : البغوي (٢ / ٢٠٤) ، والقرطبي (٧ / ٢٩٥).
(٣) وهو قول ابن الأنباري. انظر : الوسيط (٢ / ٤١٥).