بإقامة بين أظهرهم ، ألا تراه يقول : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا) تتبعني ، فقال له هارون معتذرا ومستعطفا وباعثا لدواعي شفقته ومرققا له ؛ بذكر من كان بطنها لهما وعاء ، وثديها سقاء ، وحجرها حواء ، وممتّا إليه بقرابة من لاقت الأهوال وقاست الشدائد في تربيته ، (ابْنَ أُمَ) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص : بفتح الميم ، من أمّ ، هنا وفي طه ، وكسرها الباقون (١).
فمن فتح جعل الاسمين اسما واحدا لكثرة الاستعمال وبناه على الفتح ؛ كخمسة عشر. ومن كسر فعلى حذف ياء الإضافة.
وقرأ ابن السميفع : بإثبات الياء على الأصل (٢). قال الشاعر :
يا بن أمّي ويا شقيّق نفسي |
|
أنت خلفتني لدهر شديد (٣) |
قال ابن عباس : كان أخاه لأبيه وأمه ، وإنما قال : (يَا بْنَ أُمَ) ليرققه عليه (٤).
وحكى الثعلبي (٥) : أنه كان أخاه من أمه فقط.
وليس بصحيح ولا فرضي من القول.
__________________
(١) الحجة للفارسي (٢ / ٢٧٢) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٢٩٧) ، والكشف (١ / ٤٧٨) ، والنشر (٢ / ٢٧٢) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٣١) ، والسبعة في القراءات (ص : ٢٩٥).
(٢) انظر هذه القراءة في : البحر المحيط (٤ / ٣٩٤) ، والدر المصون (٣ / ٣٤٨).
(٣) البيت لأبي زبيد الطائي ، من قصيدة يرثي بها أخاه. انظر : ديوانه (ص : ٤٨) ، وشرح التصريح (٢ / ١٧٩) ، والكتاب (٢ / ٢١٣) ، واللسان ، مادة : (شقق) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٢٢٢) ، وأوضح المسالك (٤ / ٤٠) ، وشرح الأشموني (٢ / ٤٥٧) ، وشرح قطر الندى (ص : ٢٠٧) ، وشرح المفصل (٢ / ١٢) ، والمقتضب (٤ / ٢٥٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٤).
(٤) زاد المسير (٣ / ٢٦٥).
(٥) الثعلبي (٦ / ٢٥٨).