فلم يشكروا مولاها ، بل أصروا على كفرهم وتمادوا في غيّهم ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) وهي نقيض الحسنة المذكورة (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) فيتشاءموا بهم.
قال الزجاج (١) : إنما قالت العرب الطيرة ؛ لأنهم كانوا يزجرون الطائر ، فإذا كان ذلك على جهة ما يكرهون على ما اصطلحوا عليه بينهم ، جعلوا ذلك أمرا يتشاءمون به.
(أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) أي : شؤمهم الذي جاءهم من عند الله بسبب كفرهم ، أو يكون المقصود من قوله : (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) تقليل ما تشاءموا به في الدنيا بالنسبة إلى ما ادخر لهم من الشؤم في الدار الآخرة. وهو قول الزجاج (٢).
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الكل من عند الله.
(وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٣٦) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ
__________________
(١) معاني الزجاج (٢ / ٣٦٨).
(٢) معاني الزجاج (٢ / ٣٦٩).