وقالوا جهلا واغترارا وأشرا وبطرا : (قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) يريدون : أن الذي نزل بهم إنما هو من غير الدهر وتصاريف الزمان ، فليست الضراء لعقوبة ، ولا السراء لمثوبة (فَأَخَذْناهُمْ) بعد أن بلوناهم بالخير والشر والنفع والضر ، فلم يتعظوا ولم يرجعوا عن عنادهم وكفرهم ، (بَغْتَةً) أي : فجأة ، آمن ما كانوا ، وذلك أشد الأخذ. (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في محل الحال من الضمير المنصوب في" أخذناهم" (١).
والمقصود : تحذير هذه الأمة من مثل ذلك ، وتخويف العصاة المستدرجين بالنّعم من حلول النّقم.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ)(٩٩)
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) قال الزجاج (٢) : المعنى : أتاهم الغيث من السماء ، والنبات من الأرض ، وجعل ذلك زاكيا كثيرا.
وقيل : هو مجيء الخير ، وتيسير أسباب الرزق من كل وجه.
__________________
(١) انظر : الدر المصون (٣ / ٣٠٨).
(٢) معاني الزجاج (٢ / ٣٦٠).