قال الشاعر :
وأبي الذي فتح البلاد بسيفه |
|
فأذلّها لبني أبان الغابر (١) |
يريد : الباقي (٢).
__________________
(١) البيت ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي. وكان شريفا عزيزا ، وأبوه الحكم بن أبي العاص الثقفي ، أحد أصحاب الفتوح الكثيرة في فارس وغيرها ، وكذلك عمه عثمان بن أبي العاص صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، دعاه الحجاج بن يوسف الثقفي فولاه فارس ، فلما جاء يأخذ عهده ، قال له الحجاج : يا يزيد أنشدني بعض شعرك ، وإنما أراد أن ينشده مديحا له ، فأنشده قصيدة يفخر فيها يقول :
وأبي الذي فتح البلاد بسيفه |
|
فأذلها لبني أبان الغابر |
وأبي الذي سلب ابن كسرى راية |
|
بيضاء تخفق كالعقاب الكاسر |
وإذا فخرت فخرت غير مكذب |
|
فخرا أدقّ به فخار الفاخر |
فنهض الحجاج مغضبا ، وخرج يزيد من غير أن يودعه ، فأرسل الحجاج حاجبه وراءه يرتجع منه العهد ، ويقول له : أيهما خير لك؟ ما ورثك أبوك أم هذا؟ فقال يزيد : قل له :
ورثت جدي مجده وفعاله |
|
وورثت جدّك أعنزا بالطائف |
ثم سار ولحق بسليمان بن عبد الملك وهو ولي للعهد ، فضمه إليه وجعله من خاصته. وانظر : البيت في : الطبري (٨ / ٢٣٦).
(٢) وقد أوضح هذا المعنى الطبري (٨ / ٢٣٦) فقال : فإن قال قائل : فكانت امرأة لوط ممن نجا من الهلاك الذي هلك به قوم لوط؟
قيل : لا بل كانت فيمن هلك.
فإن قال : فكيف قيل : (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ، وقد قلت إن معنى" الغابر" الباقي؟ فقد وجب أن تكون قد بقيت؟
قيل : إن معنى ذلك غير الذي ذهبت إليه ، وإنما عنى بذلك ، إلا امرأته كانت من الباقين قبل الهلاك ، والمعمّرين الذين قد أتى عليهم دهر كبير ومرّ بهم زمن كثير ، حتى هرمت فيمن هرم من الناس ، فكانت ممن غبر الدهر الطويل قبل هلاك القوم ، فهلكت مع من هلك من قوم لوط حين جاءهم ـ