(أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) استفهام في معنى الهزء والطّنز (١) ، كما تقول للمعتزلة : أتعلمون أن المؤمنين لا ينظرون إلى ربهم في الجنة!.
قوله تعالى : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) أسند العقر إلى جميعهم وإن كان العاقر واحدا ؛ لرضاهم به.
قال الأزهري (٢) : العقر عند العرب : قطع عرقوب البعير ، ثم جعل العقر نحرا ؛ لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره.
(وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي : جاوزوا الحد في كفرهم وغلوا في باطلهم.
والمعنى : عتوا عما أمرهم به ربهم على لسان صالح من التوحيد وتركوا أمره في الناقة وكذبوا نبيهم ، (وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب (إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) وهي [الزلزلة](٣) الشديدة والحركة العنيفة. يقال : رجف الشيء يرجف رجفا ورجفانا (٤) ؛ إذا تحرك ، (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) أي : في أرضهم (جاثِمِينَ) هامدين لا يتحركون موتى. هذا قول ابن عباس وجمهور
__________________
(١) الطّنز : السخرية (اللسان ، مادة : طنز).
(٢) تهذيب اللغة (١ / ٢١٥).
(٣) في الأصل : الزلزة.
(٤) أصل الرجف : حركة مع صوت ، ومنه قول الله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) [النازعات : ٦]. وقال الشاعر :
ولما رأيت الحج قد آن وقته |
|
وظلت مطايا القوم بالقوم ترجف |
(انظر : القرطبي ٧ / ٢٤٢).