اللحم والألبان والأدهان في زمن الإحرام ، (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني : هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ولغيرهم.
وإنما اقتصر على ذكر المؤمنين ؛ تنبيها على أنها خلقت لهم بطريق الأصالة ، والكفار في حكم التبعية ، ألا ترى إلى قوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) إلى قوله : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) [الذاريات : ٥٦ ـ ٥٨] ، يريد : أنه خلقهم للتوحيد ورزقهم.
وقال الزجاج (١) : المعنى : قل هي حلال للذين آمنوا.
قرأ نافع : " خالصة" بالرفع ، وقرأ الباقون : بالنصب (٢).
فمن رفع جعله خبرا بعد خبر ، كما تقول : زيد عاقل لبيب ، فالمعنى : قل هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة.
ومن نصب فعلى الحال ، على أن العامل في قولك (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في تأويل الحال ، كأنك قلت : قل هي ثابتة للمؤمنين مستقرة في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة. هذا كلام الزجاج.
وقال أبو علي (٣) : من قرأ «خالصة» بالرفع ، جعله خبرا للمبتدأ الذي هو «هي» ، ويكون (لِلَّذِينَ آمَنُوا) تثبيتا للخلوص ، واللام متعلقة بالخبر الذي هو" خالصة". ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر ، ويكون حينئذ في المجرور الذي هو خبر
__________________
(١) معاني الزجاج (٢ / ٣٣٣).
(٢) الحجة للفارسي (٢ / ٢٣٤) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٢٨١) ، والكشف (١ / ٤٦١) ، والنشر (٢ / ٢٦٩) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٢٣) ، والسبعة في القراءات (١ / ٢٨٠).
(٣) الحجة للفارسي (٢ / ٢٣٥).